محتويات التقرير:
تقديم
الفصل الأول - معطيات أساسية
الفصل الثاني - مؤسسات حقوق الإنسان الحكومية وغير الحكومية
الفصل الثالث - الحقوق المدنية والسياسية
الفصل الرابع - الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الفصل الخامس - حقوق المرأة
الفصل السادس - حقوق المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة
الفصل السابع - حقوق الطفل
بسم الله الرحمن الرحيم
كانَ الإنسانُ، وما يزالُ الركيزةَ الأساسيةَ لكلِّ فعلٍ حيويٍّ مبدعٍ في شاملِ حياتنِا الاقتصاديةِ والسياسيةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ، وسيظلُّ على الدوامِ محورَ هذا الكونِ وتفاعلاتهِ سلباً وإيجاباً، ووحدَهُ يبقى وسيلةَ كلِّ تنميةٍ، وهدفَ أيِّ تطورٍ تنشدهُ المجتمعاتُ، ومن دونِهِ استحالةُ إدراكِ شيءٍ ذي قيمةٍ ومعنى ، وقد باتَ موضوعُ حقوقِ الإنسانِ منْ أشدِّ المواضيعِ حساسيةً، وأكثرِها أهميةً في راهِن عالمِنا المعاصر.
ولمْ تعدَّ ضرورةُ احترامِ تلكَ الحقوقِ اليومَ شأناً وطنياً داخلياً، بلْ شأناً عالمياً يحظى برعايةِ المجتمعِ الدوليِّ، وسائرِ المجتمعاتِ التي تنشدُ نماءً شاملاً، وطناً وإنساناً؛ حتى أصبحَ منَ الأمورِ الشائعةِ تقييمُ سلوكِ الحكوماتِ بمدى احترامِها حقوقَ الإنسانِ داخلياً وخارجياً.
واليمنُ واحدةٌ منْ هذِهِ الدولِ التي أخذتْ على عاتِقِها – منذُ وحدةِ أرضِها والإنسانِ عامَ 1990م – مسؤوليةَ إعمالِ حقوقِ إنسانها واحترامِ ما التزمتْ بهِ من قيمٍ ومبادئَ دستوراً وقانوناً، وإشاعةِ مُناخاتِها، والتوعيةِ بها، انسجاماً معَ الخيارِ الديمقراطيِّ الذي صاغتْهُ فكرةً ومبدأً قبلَ خمسةَ عشرَ عاماً، وتعهدتْ بمُوجبهِ وطنياً وإقليمياً ودولياً بصونِ حقوقِ الناسِ، وحمايتِها منْ أيِّ تطاولٍ أو اختراق.
ووزارةُ حقوقِ الإنسانِ إذْ يسعدُها أنْ تقدِّمَ هذا التقريرَ الوطنيَّ المتجِّددَ اصدارُهُ سنوياً – في سبيلِ التوعيةِ والتعريفِ بجهودِ الجمهوريةِ اليمنيةِ في ميدانِ حقوقِ الإنسان ، ومدى تنفيِذها أحكامَ القوانينِ الوطنيةِ ، والاتفاقياتِ والعهودِ الدوليةِ التي صدَّقتْ عليها لتصويبِ المسارِ وشحذِ الهممِ ومعالجةِ مَوَاطِنِ القصورِ وبلوغِ المرامِ – لترجوَ أنْ يكونَ هذا الجهدُ المتواضعُ مساعداً على إجلاءِ أوضاعِ حقوقِ إنساننِا اليمنيِّ، وحرياتهِ الأساسيةِ، ومحطةً لمراجعةِ وتقييمِ وضعيةِ هذِهِ الحقوقِ، واستخلاصِ الدروسِ المناسبةِ للاسترشادِ بها مستقبلاً؛ استنهاضاً لطاقاتِ المجتمعِ نحوَ تحقيقِ الأهدافِ الإنسانيةِ التي تنشدُ قيادتُنا السياسيةُ ترجمتَها فكراً وممارسةً.
ويجيءُ إصدارُ هذا التقريرِ الوطنيِّ للعام 2004م تعزيزاً لتوجُّهِ الوزارةِ صوبَ تأسيسِ آليةٍ مؤسسيةٍ تقدِّمُ مؤشراتٍ كميةً ووصفيةً بشكلٍ دوريٍّ منتظمٍ حولَ التقدُّمِ المحقَّقِ في مجالِ حقوقِ الإنسانِ، والانتهاكاتِ التي شوَّهتْ هذِهِ الحقوقَ، والتحدياتِ الموضوعيةِ التي تقفُ حائلاً دونَ بُلوغِ المأمول، ووضعِ المقترحاتِ العمليةِ التي منْ شأنِها تصحيحُ التشوُّهاتِ وتخطِّيْ العثراتِ والإخفاقات التي رافقتْ خطواتِ التطبيق.
وقد حْرصنا منذُ بداياتِ إعدادِ التقريرِ على تأمينِ المُناخ المناسبِ، لإخراجِ مادتِهِ بشكلٍ يلامسُ الواقعَ الفعليَّ دونَ تلوينِ ما تحقَّقَ أو تضخيمهِ أو الانتقاصِ منْه.
وهوَ ما تؤكِّدُه مشاركةُ الجهاتِ الرسميةِ ومنظماتِ المجتمعِ المدني في إعدادِهِ خطوةً فخطوةً، فضلاً عنْ إسهامِ خبراتٍ وطنيةٍ – مشهودٍ لها بالكفاءةِ والحِيْدةِ – في كتابةِ بعضِ محاورِهِ، والاستعانةِ بخبيرٍ إقليميٍّ ذي خبرةٍ طويلةٍ في إعدادِ تقاريرِ حقوقِ الإنسانِ التي تصدرُها منظماتٌ غيرُ حكوميةٍ لاتساقِ مضمونهِ معَ المعاييرِ الدوليةِ المتَّبعةِ في كتابةِ تقاريرِ حقوقِ الإنسانِ العامة.
ولمْ تغفلِ الوزارةُ أهميةَ عرضِ النسخةِ الأوليةِ للتقريرِ على العديدِ منَ الهيئاتِ المتخصِّصةِ، وقيادةِ عددٍ منْ مكوِّناتِ المجتمعِ المدنيِّ العاملةِ في بلادِنا، والاستئناسَ بآراءِ أعضاءِ الهيئةِ الاستشاريةِ، البالغِ عددُهمْ سبعةً وعشرينَ شخصيةً منْ ممثلي المنظماتِ غيرِ الحكوميةِ، ورؤساءِ الجمعياتِ والاتحاداتِ والنقاباتِ الذينَ كانَ لملاحظاتِهمُ القيمةِ، وآرائِهمُ النيرةِ الأثرُ المحمودُ في إعادةِ صوغِ عددٍ منْ فصولِ التقرير.
ولأنَّ هدفَ التقريرِ تحليلُ تفاعلِ النظريةِ، والتطبيقِ، والإسهامُ المقبولُ في تحسينِ الممارساتِ أملاً في تشكيلِ الأساسِ الذي نتطلعُ إلى إدراكِهِ مستقبلاً، فقدْ اعتمدَ فريقُ الصياغةِ على التقسيماتِ الواردةِ في عددٍ منَ المواثيقِ والعهودِ الدوليةِ الخاصَّةِ بحقوقِ الإنسانِ وقياسِ مدى إنفاذِ مبادئِها في الواقعِ، كما أعتمدَ على عكسِ إسهاماتِ الجانبِ الحكوميِّ والمؤسساتِ الوطنيةِ المعنيةِ بحقوقِ الإنسانِ بما في ذلكَ المنظماتُ غيرُ الحكوميةِ والمنظماتُ الدوليةُ العاملةُ في بلادنا.
وإنَّ القاسمَ المشتركَ الذي يجمعُ بينَ فصولِ هذا التقريرِ أنَّها جميعاً تشكِّلُ محاولةً لتقديمِ توصيفٍ موضوعيٍّ لحالةِ حقوقِ الإنسانِ في اليمن قانونياً وتشريعياً قصدَ تعميمِ الوعي بها منْ جانبٍ، وإعمالِها من جانبٍ آخر.
ولمَّا كانتْ تجربةُ حقوقِ الإنسانِ في بلادِنا حديثةَ عهدٍ، ومسألةُ انتهاكِ بعضِها أمراً وارداً، فقد تجنَّبَ التقريرُ رصدَ حالاتٍ فرديةٍ، أو قضايا بعينِها، وركَّزَ على اتجاهاتٍ وظواهرَ عامةٍ، كونُها تجربةً بحاجةٍ إلى مزيدٍ منَ الرعايةِ، والتعُّهدِ الدائمينِ، ونشرِ الوعي بقيِمها ومبادِئها حتى تترسخَ سلوكاً وممارسةً في حياةِ الناسِ الخاصةِ والعامة.
وتبقى مادةُ هذا التقريرِ – مهما حاولتْ – مجرَّدَ تصويرٍ عامٍّ لواقعِ حقوقِ الإنسانِ في بلادِنا، تتطلبُ الكثيرَ منَ المتابعةِ والتصويبِ في ظلِّ الصُّعوباتِ والمعوِّقاتِ القائمةِ وأبرزُها غيابُ قاعدةِ البياناتِ والمعلوماتِ الدقيقةِ والوافيةِ، وتقادمُ المتوافرِ منها والذي لمْ يطرأْ عليهِ أيُّ تحديثٍ منذُ إعدادِ المسوحاتِ والدراساتِ المُنجزَة قبلَ سنواتٍ والتي يصعبُ معَها قياسُ ملامحِ التطورِ واتجاهاتهِ أو درجاتِ النكوصِ والتراجعِ في مجالِ تعزيزِ حقوقِ الإنسان، فضلاً عن تردُّدِ بعضِ الهيئاتِ في توفيرِ المعلوماتِ والبياناتِ الضروريةِ لإعدادِ التقريرِ وإنْ توفرتْ فلا تخلو منْ تصادمِها وتناقضِها معَ بياناتٍ أخرى تعتمدُ عليها جهاتٌ أخرى.
إنَّ الوزارة لترحبُ بأيِّ نقدٍ بنَّاءٍ أو ملاحظاتٍ حولَ أوجهِ القصورِ التي لا شكَّ اعترت مادةَ التقريرِ لتؤخذَ في الاعتبار عندَ إعدادِ التقريرِ الوطني للعامِ 2005م.
وبعدَ .. فإنَّنا نجدُ أنَّ اهتماماً خاصَّاً وكبيراً يجبُ أنْ يُولى في سبيلِ تعزيزِ مبادئِ حقوقِ الإنسان، واحترامِها وجعلِها سبيلاً أمثلَ إلى ازدهارِ التجربةِ الديمقراطيةِ، وإحداثِ التنميةِ الشاملة.
بقيَ لنا التعبيرُ عن امتنانِنا الشديدِ لأصحابِ الفضلِ ممَّنْ أسهموا في إعدادِ هذا التقريرِ منَ الباحثينَ والمختصينَ وموظفي ديوانِ عامِ الوزارةِ، وفي المقدمةِ برنامجُ الأممِ المتحدةِ الإنمائي ( UNDP ) في اليمنِ الذي يمثَّل إصدارُ هذا التقريرِ ثمرةً من ثمارِ التعاونِ القائمِ بينَهُ وبينَ الوزارةِ في إطارِ مشروعِ دعمِ قدراتِ المؤسساتِ الوطنيةِ العاملةِ في ميدانِ حقوقِ الإنسانِ الذي بُدئَ تنفيذُه أواخرَ عام 2003م.
ومن اللهِ وحدَه التوفيقُ؛؛؛
أمة العليم السوسوة
وزيـرة حقـوق الإنسـان
|