ورثت الدولة الطاهرية مناطق نفوذ الدولة الرسولية وهي معظم اليمن باستثناء مناطق الجبال الشمالية التي تنافس عليها الأئمة الزيديون. والموطن الأصلي لبني طاهر هو منطقة جبن من بلاد رداع حيث كانت لهم الرياسة فيها، وقد توطدت العلاقة بين بني طاهر ودولة بني رسول في أواخر الدولة الرسولية بمصاهرة تمت عام 836 هـ/ 1432م بين الملك الظاهر الرسولي وابنة كبير آل طاهر الشيخ طاهر بن معوضة، ثم صار آل طاهر ولاة لآل رسول في جهاتهم ، بل وامتد حكمهم إلى عدن في فترات لاحقة، وعندما أيقن آل طاهر من أن أمر الرسوليين إلى زوال لا محالة أعدَّ الشيخ علي بن طاهر بن معوضة الملقب بالمجاهد الذي سيقدر له مع أخيه عامر الملقب بالظافر أن يكون أول ملوك دولة الطاهريين - حملةً لحرب الملك الرسولي المسعود في عدن، ولكنه عاد من حملته خائباً ولم يتمكن من القضاء على خصمه المسعود ، ثم أعد نفسه إعداداً أفضل فكرر حملته على عدن في العام 858 هـ/ 1453م وتمكن هذه المرة من طرد المسعود منها فتوجه إلى بلاد موزع ومنها إلى مدينة حيس بصحبة المماليك الذين أرادوا دخول عدن ثانية معه لكنه خلع نفسه هناك كملك ، ليبقى في الساحة الملك المؤيد الذي دخل عدن إثر انسحاب الطاهريين الطوعي منها إلى المقرانة مقر حكمهم لمزيد من الاستعداد ، ثم أعادوا الكرة الأخيرة في شهر رجب من العام نفسه وتمكنوا من دخول عدن وأسر المؤيد هناك آخر ملوك دولة بني رسول، وكان الأخوان المجاهد والظافر من آل طاهر يحكمان معا دون تقدم أحدهم على الآخر.
وقد أمضى الطاهريون سني حكمهم كغيرهم من الدول التي سبقتهم في تثبيت حكمهم في تعز وعدن وجهات تهامة حيث المماليك يفرضون إرادتهم هناك بالتعاون مع بعض القبائل كالمعازبة ، كما مد الطاهريون سلطتهم إلى الشحر في حضرموت بعد أن حاول ملك الشحر غزو عدن فردوه على أعقابه ووليها بالنيابة عن الطاهريين أسعد بن إسماعيل النهمي، بل وتمكن من السيطرة على صنعاء وثبت فيها نائباً له، في وقت كان الأئمة الزيديون فيه في حالة كمون إثر صراعاتهم الدامية فيما بينهم. ولم يلبث أن نشطوا ثانية فسيطروا على جهات متفرقة، وكانت صنعاء خاضعة لنفوذ الإمام المؤيد ، وهو ما دعى الملك الطاهري الظافر إلى التحرك صوب صنعاء لاستعادتها وفي المجابهة بين قوات الظافر والأمير الزيدي على صنعاء سقط الملك الظافر قتيلاً في الميدان عام 870 هـ / 1466م ، وهو ما أقنع أخوه الملك المجاهد بالتخلي عن طموحه للاستيلاء على صنعاء، فتركها وما حولها للأئمة الزيديين الذين رغبوا هم أيضاً عن مد نفوذهم إلى الجهات السفلى من اليمن. وبعد الملك المجاهد الذي وافته منيته عام 883 هـ/ 1478 م بعد حكم دام خمسة وعشرين سنة قضاها في توطيد الحكم ومقاتلة المتمردين- سلم الحكم لابن أخيه عبد الوهاب بن داود الطاهري الملقب بالمنصور وفي عهده انتقلت عاصمة الطاهريين من جبن برداع إلى عدن حيناً وتعز حيناً آخر. أمضى الملك المنصور أحد عشر عاماً في الحكم صرف معظمها في تثبيت حكمه في جهات تهامة بالذات حيث قام بتصميم نظام لتوزيع مياه وادي زبيد بالعدل كما بنى عدداً من المدارس والمساجد وأصلح ما تخرب منها .
وخلف الملك المنصور عبد الوهاب ابنه عامر الذي لقب بالظافر وقد لقي معارضة من أسرته فجرت حروب كثيرة بينهما سيطر خصومه خلالها على حصن جبن ، وأخذ عامر بن عبد الوهاب يجيش من مقره في تعز ضد خصومه وكانت الغلبة له في كل المعارك التي استنزفت الجانبين رجالاً ومالاً ، وتمكنت خلال هذه الحرب القبائل التهامية من استغلال الضعف والتمرد ثانية على الدولة الطاهرية، لكنها اضطرت للخضوع ثانية بعد أن وجه إليها الملك عامر بن عبد الوهاب جيشاً قضى على كل تمرد فيها فأمنت السبل وعم السلام، وأخذ الملك عامر بن عبد الوهاب يطمح في السيطرة على صنعاء وتوحيد اليمن تحت حكمه، فتقدم إلى ذمار التي اعتبرت مدخلاً للسيطرة على البلاد الواقعة تحت حكم الأئمة الزيديين وتمكن من الاستيلاء عليها عام 897 هـ / 1491 م وبعد أن وطدَّ أقدامه في ذمار والجهات الساحلية تحرك الملك عامر بن عبد الوهاب عام 910 هـ / 1504 م نحو صنعاء بجيش ضخم جداً تمكن به من حصار صنعاء ودخولها بعدئذٍ دخول الفاتحين ، ووقع الإمام الوشلي، الذي يسميه مؤرخ الرسوليين ابن الديبع ، رئيس أهل البدعة ومؤسس الفتنة، وقع مع أمراء حربه أسرى ونقلوا إلى تعز حيث حددت إقامتهم ، أما الملك الطاهري فقد أقام في صنعاء يسير أمورها ويخضع ما تبقى من حصونها وقلاعها ليسيطر على معظم اليمن، وعاد إلى تعز في العام التالي ، في الوقت الذي أعلن فيه طامح جديد من الأئمة هو الإمام شرف الدين نفسه إماماً جديداً وأخذ يدعو لنفسه في منطقة الجبال بحجة ويبحث عن الأعوان لحرب الطاهريين الذين اعتبرهم أعداء جائرين لله، بل أنه أخذ بمراسلة من سماهم الغزاة الكرماء وهم المماليك الشراكسة الذين أخذوا يجوبون البحر الأحمر وسواحل اليمن لمجابهة قوة البرتغاليين النشطة هي الأخرى في سواحل البحر الأحمر والعربي والتي أخذت تهدد عدن وجزيرة كمران .
وقد لعبت رسالة الإمام شرف الدين لقائد قوات المماليك حسين الكردي المرابط في جزيرة كمران دوراً في التعجيل بنهاية الطاهريين، فقد طلب القائد المملوكي من الطاهريين أن يجهزوا معه قوة لمحاربة البرتغاليين الغازين للسواحل الإسلامية، إلا أن الطاهريين رأوا عدم إجابة هذا الطلب، وعلى إثر ذلك قرر المماليك النزول بقواتهم إلى السواحل اليمنية لمقاتلة الطاهرية وهو بالضبط ما أراده الإمام شرف الدين ، وقد نزل المماليك إلى الساحل اليمني بأسلحتهم الجديدة مثل المدافع والبنادق والتي لا عهد للناس بها وهي البنادق التي وصفها ابن الديبع ووصف فزع الناس منها، ودارت الحرب بين الطاهريين من جهة والمماليك ومن تعاون معهم مثل الإمام شرف الدين وبعض القبائل من جهة أخرى، وقد كانت المعارك مع ما يرافقها من سلب ونهب سجالاً تخللتها حالات مفاوضات وصلح قصير الأمد، مع خلافات بين أفراد القوة الغازية ، وكانت ساحات القتال بلاد تهامة وتعز ورداع والمقرانة وصنعاء .
وكانت آخر المعارك بين الطاهريين وخصومهم من الغزاة وأعوانهم قرب صنعاء لقي فيها الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب حتفه وذلك عام 923 هـ/ 1517 م ، بعد حكم دام ثلاثة عقود لتنتهي بموته الدولة الطاهرية بعد خمس وستين عاماً، ولم يبقى من الدولة الطاهرية إلا جيب عدن الذي تمكن الأمير عامر بن داود الطاهري من الاحتفاظ به حتى قضى عليه الأتراك بعدئذ، ومن أبرز منجزات الظافر عامر بن عبد الوهاب المعمارية بناؤه لمسجد العامرية في رداع والذي ألحق به مدرسة أخذت تواصل نشر العلم بعد أن جلب إليها العلماء من كل مكان، ولا يزال هذا المسجد بزهوه الفني المعماري قائما إلى اليوم ، خاصة بعد ترميمه في السنوات الأخيرة وهو ما أعاد إلى المسجد رونقه وبهاءه.